ليس صحيحا ان حزب الله لا يجد نفسه معنيا بالحراك الأميركي-السعودي الساعي لتحجيم دوره باطار سياسة محاصرة إيران والحد من انفلاشها! بل هو بدأ فعليا باتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة للتصدي لكل الاحتمالات وأبرزها امكانية تكثيف الطيران الأميركي كما الاسرائيلي من حملاتهما الجوية لضرب قوافله ومواقعه. وليس اعلانه الانسحاب من كامل السلسلة الشرقية وتسليم مواقعه للجيش اللبناني واتمامه حاليا عملية مماثلة في القلمون السوريّة على ان يستلم هناك الجيش السوري مواقعه، الا خطوة أولى في اتجاه تحول وجوده على الحدود اللبنانية-السورية كما في الداخل السوري "غير مرئي" ما يضعف أي فرصة لاستهدافه مباشرة من قبل الطيران "العدو".
وفي هذا الاطار، تؤكد مصادر مقربة من الحزب ان "لا مواقع ثابتة ومعلنة له في الداخل السوري بعد اليوم وهو سيبقى فاعلا ولكن بعيدا عن أعين اعدائه"، نافية نفيا قاطعا الاتجاه لانسحابه الى الداخل اللبناني، "من منطلق أن المرحلة هي مرحلة حماية الانتصارات المحقّقة وأبرزها النجاح بدعم الجيش السوري بالسيطرة على المدن الكبرى واعلان دمشق منطقة محميّة بعد سلسلة المصالحات التي أدّت لانسحاب كل مقاتلي المعارضة الى الشمال السوري".
ويُدرك الحزب انّه ومهما اتخذ من اجراءات سيبقى عرضة للتهديد الأميركي–الاسرائيلي المتصاعد لقوافله وعناصره أينما تواجدوا على الأراضي السورية، الا انّه يحاول وقدر الامكان تقليص فرص استهدافه خصوصًا بعد قرار واشنطن الانخراط مباشرة في الميدان السوري لا سيّما في المنطقة الشرقية وعند المثلث الحدودي السوري–العراقي–الأردني، حيث استهدفت احدى طائراتها الخميس الماضي قافلة لمجموعة يُرجح أنّها عراقية داعمة للحكومة السوريّة كانت تتجه الى معبر التنف حيث القاعدة الاميركية–البريطانية التي تنطلق منها مجموعات المعارضة المدعومة أميركيا وابرزها "مغاوير الثورة".
وان كان حزب الله لا يزال يترقب مدى جدية واشنطن بتصعيد عملياتها في سوريا بوجهه ووجه ايران، الا ان مصادر رفيعة في المعارضة السورية تبدو مطمئنة تماما الى وجود "قرار أميركي حاسم في هذا الاتجاه، بحيث قصدت واشنطن توجيه الضربة عند التنف عشية قمة الرياض، ليأتي البيان الصادر عن المجتمعين هناك استكمالا للمخطط الأميركي الجديد الذي مرّ أخيرا في البحرين على ان يطال اليمن ويعود الى الميدان السوري".
الا ان تحول الحزب لـ"شبح فاعل" في سوريا لن ينسحب على الساحة اللبنانية، حيث يصرّ على ان يكون مرئيا أكثر من أي وقت مضى ومتضامنا مع حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لفرض شروط "الثنائية الشيعيّة" في ملف قانون الانتخاب. وفي هذا السياق قالت مصادر معنيّة ان "اجتماع المجلس الشيعي الأعلى مؤخرا وخروجه ببيان واضح أعلن فيه التمسك بالنسبيّة الكاملة كان مقررا ومخططا له مسبقا لتوجيه رسالة حاسمة لكل من باشر التخطيط للسير بسيناريوهات مختلفة يفرضها على باقي الفرقاء، كالتصويت او الستين أو غيرهما من مشاريع كان الثنائي الشيعي واضح برفضها". وأضافت المصادر: "أولم يسأل المتحمس للتصويت على مشاريع القوانين داخل الحكومة نفسه ماذا سيحصل حين تحيل الحكومة مشروعها الى المجلس النيابي؟ هل سيسمح رئيس المجلس بتمريره"!؟.
بالمحصّلة، يُرجح ان يكون صيف 2017 الأكثر حماوة منذ سنوات. ففيما يتوقع مقربون من حزب الله ان يشكّل النفق المظلم الأخير قبل انقشاع الرؤية تماما نهاية العام الجاري، يرجّح آخرون الا يكون هذا الصيف الا محطّة أخرى ساخنة بعد عودة اللاعب الأميركي بقوة الى المنطقة.